كيف أتعامل مع شخص عنيد
التعامل مع شخص عنيد قد يكون تحديًا حقيقيًا، سواء كان هذا الشخص زميلًا في العمل، صديقًا، أو أحد أفراد العائلة. فالشخص العنيد قد يتمسك برأيه ويصعب عليه التنازل أو تقبل وجهات نظر الآخرين. للتعامل بنجاح مع مثل هذا النوع من الأشخاص، يحتاج الفرد إلى استراتيجيات تواصل مرنة وأساليب فعّالة لتقليل الصدامات وتحقيق التفاهم. في هذا المقال، سنستعرض بعض الطرق المثلى للتعامل مع الشخص العنيد، وأهمية الصبر والمرونة في هذه العملية.
1. تفهّم طبيعة الشخص العنيد
أ. الأسباب وراء العناد
أول خطوة للتعامل مع شخص عنيد هي فهم سبب تمسكه بآرائه. في كثير من الحالات، يكون العناد ناتجًا عن القلق، أو عدم الثقة بالنفس، أو الخوف من التغيير، أو حتى الرغبة في تحقيق الاستقلالية. هناك أشخاص قد يكون لديهم تجارب سابقة تجعلهم يشعرون بالحاجة إلى الدفاع عن أفكارهم ومعتقداتهم بشدة.
ب. قبول الشخصية كما هي
لكل شخص شخصيته وطباعه الخاصة، ويعتبر العناد جزءًا من تلك الشخصية. من الأفضل عدم محاولة تغيير الشخص أو كسره بل تفهم طبعه والعمل على إيجاد وسيلة للتواصل معه بطريقة إيجابية.
2. استخدام أسلوب الاستماع الفعّال
أ. الاستماع بانتباه
أحد أهم الأساليب الفعّالة للتعامل مع الشخص العنيد هو الاستماع له بعناية وإظهار الاحترام لوجهة نظره. عندما يشعر الشخص العنيد بأنك تنصت له وتفهم وجهة نظره، فقد يكون أكثر استعدادًا للتنازل والتفكير فيما تقوله.
ب. إظهار التفهم والتعاطف
بعد الاستماع لوجهة نظره، يمكنك أن تعبر عن تفهمك لما يقوله باستخدام عبارات مثل: “أفهم وجهة نظرك” أو “أتفهم أنك تشعر بذلك”. هذا الأسلوب يعزز التواصل ويجعل الشخص العنيد يشعر بأن رأيه ليس مرفوضًا تمامًا.
3. تجنّب المواجهة المباشرة والجدل الحاد
أ. التحدث بلطف وهدوء
التعامل مع الشخص العنيد بطريقة عدائية أو مهاجمته سيزيد من عناده ويجعله أكثر تمسكًا بموقفه. من الأفضل أن تكون نبرة حديثك هادئة ولطيفة، حيث يمكنك استخدام عبارات تشجيعية لتجنب تصعيد الخلاف.
ب. تجنب الضغط الزائد
الضغط على الشخص العنيد وتكرار الطلبات أو الأوامر قد يزيد من عناده ويجعل الأمر أكثر صعوبة. بدلاً من ذلك، حاول عرض وجهة نظرك مرة واحدة بأسلوب مقنع دون الضغط عليه، واترك له بعض الوقت للتفكير.
4. تقديم خيارات وليس أوامر
أ. عرض خيارات متعددة
بدلاً من فرض رأي معين أو طلب تنفيذ شيء محدد، قد يكون من الأفضل تقديم مجموعة من الخيارات. على سبيل المثال، بدلاً من القول “يجب عليك القيام بكذا”، يمكنك القول “ما رأيك إذا جربنا أحد هذه الخيارات؟”. هذه الطريقة قد تجعل الشخص العنيد يشعر بالتحكم والاختيار، مما يسهل عليه اتخاذ قرار بدون عناد.
ب. التشجيع على اتخاذ القرار بنفسه
عندما تعطي الشخص العنيد الخيارات، دعه يشعر بأنه صاحب القرار وأن لديه القدرة على اتخاذ القرار النهائي. هذا الأسلوب يعزز من ثقته ويقلل من شعوره بأنك تمارس عليه ضغوطًا.
5. التركيز على النقاط المشتركة
أ. إيجاد أرضية مشتركة
البحث عن نقاط مشتركة والتركيز على الأهداف المشتركة يمكن أن يساهم في تسهيل التواصل مع الشخص العنيد. حاول أن تجد جوانب تتفقان عليها، ثم استخدمها كقاعدة لإقناعه بوجهة نظرك. هذا يعزز الشعور بأنكما تعملان معًا لتحقيق هدف واحد، وليس ضد بعضكما البعض.
ب. استخدام العبارات الإيجابية
عبارات مثل “أعتقد أننا نتفق في هذه النقطة” أو “هذا يبدو جيدًا لنا جميعًا” يمكن أن تساعد في بناء تواصل إيجابي وتعزز الشعور بالتعاون، مما يسهل الوصول إلى تفاهم مع الشخص العنيد.
6. التحلي بالصبر والمرونة
أ. الصبر وتجنب الاستعجال
الشخص العنيد قد يحتاج إلى وقت أطول للتفكير واستيعاب ما تقوله، لذا يجب أن تتحلى بالصبر وأن تمنحه الوقت الكافي ليعود لمناقشة الموضوع عندما يكون مستعدًا. تجنب الإلحاح والضغط، فالعناد قد يتبدد مع الوقت إذا ما ترك للشخص مجال للتفكير.
ب. المرونة في تغيير الخطط
في بعض الأحيان قد تضطر إلى تعديل أو تغيير خططك أو رأيك بما يتناسب مع ما يراه الشخص العنيد. هذه المرونة قد تكون ضرورية للوصول إلى حلول وسطى، وتجنب النزاعات الطويلة.
7. استخدام الحوار الإيجابي والذكاء العاطفي
أ. التركيز على الذكاء العاطفي
يمكنك استخدام الذكاء العاطفي لفهم مشاعر الشخص العنيد ومراعاتها. كن حساسًا لمشاعره وحاول اختيار كلماتك بعناية حتى لا يشعر بأنك تتجاهل اهتماماته أو مشاعره. بهذا الأسلوب يمكنك بناء جسر من التواصل الفعّال والتقليل من حدة العناد.
ب. التحدث بلغة الحوافز
تقديم الحوافز قد يكون وسيلة فعّالة لإقناع الشخص العنيد. حاول أن تربط المنافع التي سيحصل عليها إذا تخلّى عن عناده أو وافق على اقتراحك، واستخدم عبارات مثل “ستحقق فائدة كبيرة إذا جربت هذا” أو “يمكن أن يساعدك هذا في الوصول إلى أهدافك”.
8. تجنب الحكم الشخصي أو النقد السلبي
أ. التركيز على الفعل وليس الشخص
عندما تختلف مع شخص عنيد، تجنب توجيه النقد إلى شخصه أو اتهامه بالعناد، بل ركّز فقط على تصرفاته أو موقفه تجاه قضية معينة. على سبيل المثال، بدلاً من القول “أنت دائمًا عنيد”، يمكنك القول “أعتقد أن هذا الموقف قد يكون بحاجة إلى رؤية أخرى”.
ب. تجنب المواقف الانتقادية
تجنّب الأسلوب الانتقادي في الحوار، حيث إن الشخص العنيد قد يزداد عنادًا إذا شعر بأنه محاط بالنقد. بدلاً من ذلك، حاول تقديم النقد بأسلوب بناء وإيجابي يجعل الشخص أكثر استعدادًا للتغيير.
9. تقبّل النتائج وعدم إجبار التغيير
أ. تقبل أن بعض المواقف قد لا تتغير
يجب أن تتذكر أنه ليس من الممكن دائمًا تغيير مواقف الشخص العنيد أو إقناعه بوجهة نظرك. تقبّل أن هذا جزء من شخصيته، وأن التفاهم أحيانًا قد لا يعني أن يتنازل كل طرف، بل أن يتيح المجال للطرف الآخر للتعبير عن نفسه.
ب. التركيز على العلاقة وليس النتائج
في بعض الأحيان، قد يكون من الأفضل التركيز على الحفاظ على العلاقة بدلًا من محاولة تغيير الشخص أو كسب الجدال. قد تكون العلاقة الإيجابية مع الشخص العنيد أكثر أهمية على المدى الطويل من محاولة إقناعه بكل شيء.
خاتمة
التعامل مع الأشخاص العنيدين قد يكون تحديًا، ولكنه ممكن إذا استخدمنا الأساليب المناسبة وركزنا على التواصل الفعّال والتفهم. من خلال الاستماع الجيد، وتجنب المواجهات المباشرة، وتقديم الخيارات، والتحلي بالصبر، يمكن بناء علاقات قائمة على التفاهم والتعاون مع الأشخاص العنيدين